خطبة الجمعة القادمة 8 مارس : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام ، للدكتور محروس حفظي
خطبة الجمعة القادمة
خطبة الجمعة القادمة 8 مارس 2024 م بعنوان : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 27 شعبان 1445هـ ، الموافق 8 مارس 2024م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 8 مارس 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام .
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 8 مارس 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 8 مارس 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام ، بصيغة pdf أضغط هنا.
___________________________________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
عناصر خطبة الجمعة القادمة 8 مارس 2024 م بعنوان : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام ، للدكتور محروس حفظي :
(1) منزلةُ ومكانةُ الشهيدِ، وبيانُ أنَّ الإسلامَ دينُ السلمِ والسلامِ.
(2) حديثُ السنةِ الغراءِ عن أصنافِ الشهداءِ.
(3) نماذجُ مِن الشهداءِ العظامِ حفلَ بهم التاريخُ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 8 مارس 2024 م بعنوان : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:
«يومُ الشهيدِ، وتاريخُ الشهداءِ العظام»
بتاريخ 27 شعبان 1445 هـ = الموافق 8 مارس 2024 م
الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويكافىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ، أمَّا بعدُ .
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 8 مارس : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام
(1) منزلةُ ومكانة ُالشهيد،ِ وبيانُ أنَّ الإسلامَ دينُ السلمِ والسلامِ:
إنَّ الشهيدَ في الإسلامِ بيَّنَهُ سيدُنَا ﷺ في حديثِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» (الترمذي وحسنه)، والسببُ في تسميةِ الشهيدِ شهيدًا؛ لأنَّه حيٌّ يُرزقُ، فكأنَّ أرواحَهُم شاهدةٌ أي حاضرةٌ، ويشْهَدُ عندَ خروجِ روحِهِ مَا أُعدَّ لهُ مِن النعيمِ المقيمِ، ويأمنُ مِن العذابِ والنكالِ الجسيمِ، فهُم أصحابُ الأجرِ الوفيرِ، والنورِ التامِّ المنيرِ قالَ ربُّنَا في محكمِ التنزيلِ: ﴿فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾، وعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «إِذَا وَقَفَ الْعَبْدُ لِلْحِسَابِ جَاءَ قَوْمٌ وَاضِعِي سُيُوفِهِمْ عَلَى رِقَابِهِمْ تَقْطُرُ دَمًا، فَازْدَحَمُوا عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَقِيلَ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قِيلَ: الشُّهَدَاءُ كَانُوا أَحْيَاءً مَرْزُوقِينَ» (الطبراني بسندٍ حسن)، فالشهادةُ اختيارٌ واصطفاءٌ مِن اللهِ – تعالى- لبعضِ عبادهِ، وحُقَّ لهُ أنْ يُلقبَ بلقبِ “الشهيدِ”، وهو مِن أسماءِ اللهِ تعالى: ﴿وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾، ومكانةُ الشهيدِ على مرِّ العصورِ مكانةٌ عظيمةٌ دينيًّا وروحيًّا وإنسانيًّا، حتَّى رأينَا الشاعرَ العربيَّ الأصيلَ يذكرُ أنَّ أيامَ الشهداءِ هي أيامُ التاريخِ والفخارِ الحقيقيِّ، حيثُ يقولُ:
يومُ الشهيدِ تحيةً وســــلامًا … بكَ والنضالِ نؤرخُ الأيامَا
إنَّ الشهيدَ في الإسلامِ لهُ منزلةٌ رفعيةٌ، ومكانةٌ عظيمةٌ، ويحشرُ مع الأنبياءِ والصديقينَ، قالَ ربُّنَا: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً﴾، كمَا وعدَهُم اللهُ بحياةٍ ومبشراتٍ لا مثيلَ لهَا؛ فأسماؤُهُم محفورةٌ ومخلدةٌ في ذاكرةِ التاريخِ، قالَ سبحانَهُ: ﴿وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ﴾، وقال أيضًا: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ .
لقد بعث َاللهُ نبيَّنَا ﷺ برسالةٍ أشرقتْ أنوارُهَا على البشريةِ، وقد كُلِّفَ ﷺ بتبليغِ تلك الدعوةِ لا محاسبةِ البشرِ على أعمالِهِم، وقد اقتضتْ حكمةُ اللهِ أن أعطَى للإنسانِ الحريةَ في اختيارِ طريقِ الخيرِ أو الشرِّ مع تحملِهِ تبعيةِ هذا الاختيارِ، ولو شاءَ ربُّنَا لخلقَ الناسَ جميعًا على الهدَى.
إنَّ الإسلامَ دينٌ لا يتعطشُ للدماءِ أو يدعُو للقتلِ أو الوحشيةِ، فهذا يتعارضُ جملةً وتفصيلًا مع وقائعِ التاريخِ ومجرَى الأحداثِ ثم إنَّ فلسفةَ القتالِ في الإسلامِ قائمةٌ في المقامِ الأولِ على ردِّ العدوانِ، ﴿فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ﴾، والدفاعِ عن الأعراضِ والأوطانِ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ» (متفق عليه) و”المقاتلةُ”: مفاعلةٌ مِن الجانبينِ، ولم يقتلْ: “أقتلُ” الذي يستدعِي القتلَ ابتداءً، ثم إنَّ لفظَ “الناسِ” في الحديثِ أَريدَ بهِ الخصوصُ لا العمومُ، وهم مَن حاربوهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبدأوا العداوةَ، وأظهروا البغضاءَ، وعملوا على تحريضِ وتأليبِ القبائلِ ضدَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومِمّا يدلُّ على أنَّ القتلَ ليس مطلوبًا لذاتِه، وإنّمَا هو حالةٌ استثانئيةٌ تفرضُهَا الظروفُ أنَّ الإسلامَ يفتحُ دائمًا بابَهُ للسلامِ، ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾.
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 8 مارس : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام
(٢) حديثُ السنةِ الغراءِ عن أصنافِ الشهداءِ:
إنَّ المستقرءَ لنصوصِ السنةِ الصحيحةِ يجدُ أنَّها قد حفلتْ ببيانِ منزلةِ الشهيدِ، وها أنا اقتطفُ منها ما يرشدُ المتكلمَ، وتهتدِي السائر:
أولًا: الكرامةُ عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ: الشهيدُ قد بلغَ مِن فضلِ اللهِ – تعالى – إلى أنْ تقطعتْ الأمانِيُّ فلم يبقَ لأمنيةِ تمناهَا بشرٌ عندَهُ منفذة، لذلك لمَّا كُرِّرَ عليه السؤالُ، وقيل: لابدَّ أنْ يُسألَ لم تبقَ له أمنيةٌ فعدلَ إلى أنْ يرجعَ إلى الدنيا فيُستشهدُ ليشكرَ بذلك بعضَ ما عندهُ مِن النعمِ، وذلك أنَّ الشهيدَ رأىَ مِن كرامةِ اللهِ – عزَّ وجلَّ – ما لا قبلَ لهُ بشكرهِ روى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَال:َ مَا أَحَدٌ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَلَهُ مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ الشَّهِيدُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لِمَا يَرَى مِنْ الْكَرَامَةِ» (البخاري) وفي روايةٍ: «مَا مِنْ نَفْسٍ تَمُوتُ لَهَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ يَسُرُّهَا أَنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا وَلا أَنَّ لَهَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا إِلا الشَّهِيدُ فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ فَيُقْتَلَ فِي الدُّنْيَا لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ» (مسلم) .
يقولُ الإمامُ ابنُ بطالٍ: (وهذا الحديثُ أجلُّ ما جاءَ في فضلِ الشهادةِ والحضِّ عليها والترغيبِ فيها، وإنَّما يتمنَّى الشهيدُ أنْ يُقتلَ عشرَ مراتٍ – واللهُ أعلمُ- لعلمهِ بأنَّ ذَلِكَ مِمّا يُرضي اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ-، ويقربُ منه؛ لأنَّ مَن بذلَ نفسَهٌ ودمَهٌ في إعزازِ دينِ اللهِ ونصرةِ دينهِ ونبيِّهِ فلم يبقَ غايةٌ وراءَ ذَلِكَ، وليس في أعمالِ البرِّ ما تُبذلُ فيه النفسُ غيرَ الجهادِ، فلذلك عظُمَ الثوابُ عليهِ واللهُ أعلمُ) أ.ه .
ثانيًا: أرواحُ الشهداءِ في حواصل طيرٍ خضرٍ: ولا يستغربنَّ المسلمُ حصولَ ذلك، ولا يستبعدهُ، فقدرةٌ صالحةٌ لأنْ توسعَهَا لَهَا حَتَّى تكونَ أوسعَ مِن الفضاءِ، وليس بالأقيسةِ والعقولِ فى هذا تحكم، وهِيَ مودعةٌ فِيهَا على سَبِيلِ الْحِفْظِ والصيانةِ وَالْإِكْرَامِ فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ: قال رَسُولُ اللَّهِ: «لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ، جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ، تَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ، فَلَمَّا وَجَدُوا طِيبَ مَأْكَلِهِمْ وَمَشْرَبِهِمْ وَمَقِيلِهِمْ، قَالُوا: مَنْ يُبَلِّغُ إِخْوَانَنَا أَنَّا أَحْيَاءُ فِي الْجَنَّةِ نُرْزَقُ، لِئَلَّا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَادِ، وَلَا يَنْكُلُوا عَنِ الْحَرْبِ؟ فَقَالَ اللَّهُ: أَنَا أُبَلِّغَهُمْ عَنْكُمْ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا﴾» (الحاكم وصححه ووافقه الذهبي) .
ثالثًا: الأمنُ مِن فتنةِ القبرِ وعذابهِ، واستمرارُ عملهِ وعدمُ انقطاعهِ: الشهيدُ لا يسألُهُ الملكانِ في قبرهِ، إذ المرادُ مِن السؤالِ امتحانُ الميتِ، والشهيدُ قد رأى مِن أهوالِ الحربِ وفزعاتِهَا ومع ذلك ثبتَ ورابطَ ولم يفرْ، فكان ذلك دليلًا كافيًا على ثباتِ إيمانهِ، ورباطةِ جأشهِ، أخرجَ النسائيُّ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بَالُ الْمُؤْمِنِينَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ إِلَّا الشَّهِيدَ؟ قَالَ: «كَفَى بِبَارِقَةِ السُّيُوفِ عَلَى رَأْسِهِ فِتْنَةً» (صحيح)، وكما أنَّ القدرَ لم يسعفْهُ لإكمالِ ما يتمناهُ مِن الأعمالِ الصالحةِ كان فضلُ اللهِ عليهِ أنَّ ثوابَ عملهِ يجريِ عليهِ في قبرهِ، بل يزيدُ ويتضاعفُ فعَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «كُلُّ عَمَلٍ يَنْقَطِعُ عَنْ صَاحِبِهِ إِذَا مَاتَ، إِلَّا الْمُرَابِطَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يُنْمَى لَهُ عَمَلُهُ، وَيُجْرَى عَلَيْهِ رِزْقُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» (الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ رِجَالُ أَحَدِهِمَا ثِقَاتٌ) .
رابعًا: يُشفّعُ في أهلِ بيتهِ: الشهيدُ يتركُ خلفَهُ أبًا وأُمًّا يعيشانِ حالةً مِن الحزنِ والألمِ طيلةَ حياتِهِم، وقد يتركُ أولادًا يُيتَّمُون، فكان الجزاءُ أنْ يُشفَّعَ فيهم يومَ القيامةِ جزاءَ صبرهِم وثباتهِم على فراقهِ روى أبو داود عن أَبي الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:«يُشَفَّعُ الشَّهِيدُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ» (صحيح).
خامسًا: مغفرةُ ذنوبهِ عندَ أولِ قطرةٍ مِن دمهِ، ويأمنُ مِن الفزعِ الأكبرِ، ويلبسُ تاجَ الوقارِ: عَنْ المِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ، وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَيَأْمَنُ مِنْ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ الْيَاقُوتَةُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَيُزَوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنْ الْحُورِ الْعِينِ، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ»(الترمذي وصححه) .
تابع / خطبة الجمعة القادمة 8 مارس : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام
إنَّ الشهيدَ الذي له تلك المكانةُ السابقةُ “شهيدُ الدنيا والآخرةِ”: وهو الذي قُتِلَ صابرًا محتسبًا في المعركةِ أو قُتِلَ غدرًا على أيدِي البُغاةِ أو قطاعِ الطرقِ، أو الخوارجِ وغيرِهِم مِمّن نُسِجَ على منوالِهِم عن أَبي مُوسَى الْأَشْعَرِي «أَنَّ رَجُلًا أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ أَعْلَى، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ» (متفق عليه)، وأفضلُ الشهادةِ مَن قُتِلَ دفاعًا عن وطنهِ أو عرضهِ أو أرضهِ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي؟ قَالَ: فَلا تُعْطِهِ مَالَكَ، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي؟ قَالَ: قَاتِلْهُ، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي؟ قَالَ: فَأَنْتَ شَهِيدٌ، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: هُوَ فِي النَّارِ» (مسلم)، فهُم قومٌ هانتْ عليهِم دُنياهُم ولم تغرّهُم الحياةُ وزخرفُهَا، ولم يقعدْ بهم الخوفُ على الأولادِ، سلكُوا طريقًا قلَّ سالكُوه، وركبُوا بحرًا تقاصَرتِ الهممُ عن رُكوبِهِ قالَ تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾، فهم عقدُوا البيعَ معَ اللهِ عزَّ وجلَّ، السِّلعةّ: دماؤّهم، والثمنُ المؤجلُ: الجنةُ ونعيمُهَا، ومَن أوفِى بعهدهِ مِن اللهِ ؟! فمَا أعظمَهُ مِن بيعٍ، وما أحسَنَهُ مِن ربحٍ! للهِ درُّهٌم، وهذا النوعُ مِن الشهداءِ لا يغسلُ، ويكُفَّنُ في ثيابهِ التي قُتِلَ بهَا، ويُصلَّى.
أمَّا مَن يسفكُ دماءَ الأبرياءِ، ويزعزعُ استقرارَ وأمنَ الأوطانِ، ويروعُ الآمنينَ فذاكَ قتيلُ الباطلِ، وعملُهُ مردودٌ عليهِ؛ لأنَّ هذا لا يؤيدُهُ دينٌ، ولا يقبلُهُ عقلٌ أو لبيبٌ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً، فَقُتِلَ، فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي، يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ، فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ» (مسلم) .
ولمَّا كانتْ أمةُ سيدِنَا محمدٍ ﷺ لهَا مِن الفضلِ والمكانةِ ما ليسَ لغيرِهَا مِن الأممِ السابقةِ جعلَ اللهُ لهَا أبوابًا كثيرةً تحصلُ مِن خلالِهَا على أجرِ الشهيدِ، وهؤلاء جميعًا تجري عليهم أحكامُ الدنيَا مِن غسلٍ وتكفينٍ وصلاةٍ وغيرِهَا، قال ابنُ حجرٍ: (وَقَدِ اجْتَمَعَ لَنَا مِنَ الطُّرُقِ الْجَيِّدَةِ أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ خَصْلَةٍ … وذكر منهم: الْمَبْطُونِ، وَاللَّدِيغِ، وَالْغَرِيقِ، وَالشَّرِيقِ: الَّذِي يَفْتَرِسُهُ السَّبُعُ، وَالْخَارُّ عَنْ دَابَّتِهِ، وَصَاحِبُ الْهَدْمِ، والْمَائِدُ فِي الْبَحْرِ الَّذِي يُصِيبُهُ الْقَيْءُ، ومن تردى من رؤوس الجبال) أ.ه، وقد كانَ لهؤلاءِ أجرِ الشهادةِ بسببِ شدةِ وقعِ هذه الموتاتِ، وكثرةِ ألمها.
كما أنَّ مَن سألَ اللهَ – تعالى- أنْ يموتَ شهيدًا في سبيلِ نصرةِ دينهِ أو الدفاعِ عن طنهِ، كان له أجرُ الشهادةِ، فعن سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «مَنْ سَأَلَ اللهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ، بَلَّغَهُ اللهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ» (مسلم)، والمسلمونَ قبلَ فتحِ مكةَ كانت الهجرةُ مفروضةً عليهم، وقد كان بعضُ الصحابةِ يموتُ في الطريقِ قبلَ وصولهِ المدينةَ فكان أنْ حصلَ لهُ أجرُ المهاجرِ، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «خَرَجَ ضَمْرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ: احْمِلُونِي فَأَخْرِجُونِي مِنْ أَرْضِ الْمُشْرِكِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى النَّبِيِّ فَنَزَلَ الْوَحْيُ: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ﴾» (أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ)، لكن بعدَ فتحِ مكةَ نُسِخَ هذا الأمرُ واستقرَّ الحكمُ على عدمِ الهجرةِ، وقد بيَّنَ رسولُنَا أنَّ الهجرةَ الحقيقةَ هي هجرةُ المعاصِي والمنكراتِ، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْهِجْرَةِ، فَقَالَ: «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ» (متفق عليه) .
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 8 مارس : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام
(3) نماذجُ مِن الشهداءِ العظامِ حفلَ بهم التاريخُ:
لقد حفلَ التاريخُ قديمًا وحديثًا بتخليدِ نماذجَ لا تعدُّ ولا تُحصَى قدمُوا أرواحَهُم في سبيلِ خدمةِ دينِهِم وأوطانِهِم، فما أحوجَنَا أنْ نهتديَ بهم، ونسيرَ على منوالِهِم: ومِن هؤلاء: الصحابةُ الكرامُ حيثُ تمنوا نيلَ الشهادةِ في سبيلِ اللهِ؛ إذ هي الطريقُ الموصلُ للجنةِ، ولذا يتمنّى الشهيدُ أنْ يرجعَ إلى الحياةِ مرةً أُخرى ليقاتلَ فيُقتل، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا فَأُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا فَأُقْتَلُ» (البخاري) .
*رجلٌ مِن الأعرابِ: روى النسائِيُّ عَنْ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ «أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَعْرَابِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ، ثُمَّ قَالَ: أُهَاجِرُ مَعَكَ، فَأَوْصَى بِهِ النَّبِيُّ بَعْضَ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا كَانَتْ غَزْوَةٌ غَنِمَ النَّبِيُّ سَبْيًا، فَقَسَمَ وَقَسَمَ لَهُ، فَأَعْطَى أَصْحَابَهُ مَا قَسَمَ لَهُ، وَكَانَ يَرْعَى ظَهْرَهُمْ، فَلَمَّا جَاءَ دَفَعُوهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟، قَالُوا: قِسْمٌ قَسَمَهُ لَكَ النَّبِيُّ، فَأَخَذَهُ فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: قَسَمْتُهُ لَكَ، قَالَ: مَا عَلَى هَذَا اتَّبَعْتُكَ، وَلَكِنِّي اتَّبَعْتُكَ عَلَى أَنْ أُرْمَى إِلَى هَاهُنَا، وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ بِسَهْمٍ، فَأَمُوتَ فَأَدْخُلَ الْجَنَّةَ، فَقَالَ: إِنْ تَصْدُقِ اللَّهَ يَصْدُقْكَ، فَلَبِثُوا قَلِيلًا ثُمَّ نَهَضُوا فِي قِتَالِ الْعَدُوِّ، فَأُتِيَ بِهِ يُحْمَلُ قَدْ أَصَابَهُ سَهْمٌ حَيْثُ أَشَارَ، فَقَالَ ﷺ: «أَهُوَ هُوَ؟» قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «صَدَقَ اللَّهَ فَصَدَقَهُ»، ثُمَّ كَفَّنَهُ ﷺ فِي جُبَّته، ثُمَّ قَدَّمَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ، فَكَانَ فِيمَا ظَهَرَ مِنْ صَلَاتِهِ: اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُكَ خَرَجَ مُهَاجِرًا فِي سَبِيلِكَ فَقُتِلَ شَهِيدًا أَنَا شَهِيدٌ عَلَى ذَلِكَ» (صحيح)، فانظرْ كيف رفضَ هذا الأعرابيُّ أنْ يأخذَ حفنةً مِمّا اقتسمَهُ المسلمون، وقنعَ ألّا يرضَى بالجنةِ بديلًا، وبينَ مَن يبيعُ دينَهُ – مِن الدواعشِ وأبواقِ الفتنةِ وغيرِهِم – بعرضٍ مِن الدنيا، ويخرجُ فيقتلُ الضعفاءَ، ويهتكُ النساءَ، ويستبيحُ الدماءَ والأموالَ بحجةِ إحياءِ فريضةِ الجهادِ الغائبةِ، ألَا شتانَ ما بينَ الثَّرى والثُّريَّا .
تابع / خطبة الجمعة القادمة 8 مارس : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام
*رجالُ قواتِنَا المسلحةِ الأبيةِ وأبطالُ شرطتِنَا القويةِ: نعيشُ هذه الأيامَ أجواءَ الاحتفالِ بنصرِ الجيشِ المصرِي في حربِ أكتوبر 1973م = الموافق العاشر مِن رمضانَ 1393 ه، حيثُ سطرتْ قواتُنَا المسلحةُ بأحرفٍ مِن نورٍ هذا النصرَ، وبذلَ جنودُنَا الغالِي والنفيسَ في تحقيقِ سبيلِ العزةِ والكرامةِ، فبذلُوا أرواحَهُم، ورووا الأرضَ بدمائِهِم دفاعًا عن وطنِهِم وأعراضِهِم فحقَّ فيهِم قولُ اللهِ تعالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ ، لقد عبرَ جنودُنَا وهم صائمونَ رغمَ أنَّ الشرعَ الحنيفَ رخَّصَ لهم الفِطرَ، لكنْ أبتْ أخلاقُ وطبائعُ هؤلاء العظامِ ومحبتُهُم للشهادةِ في سبيلِ تحريرِ وطنهِم مِن عدوهِم الغاشِم، إلّا أنْ يكونُوا صائمين: “لا نريدُ أنْ نفطرَ إلَّا في الجنةِ”، فعلتْ أصواتُهِم بكلمةِ «اللهُ أكبرُ»، وكان عنصرُ المفاجأةِ والضربةُ الجويةُ الأُولَى قد أذهلتْ الجميعَ، وخرجَ العدوُّ مِن وكرهِ مذعورًا خائفًا مِن هؤلاءِ الأبطالِ البواسلِ الذي جاءُوا مِن كلِّ حدبٍ وصوبٍ، وكانت الروحُ المعنويةُ التي قام بها مولانا العارفُ باللهِ الشيخُ / عبد الحليمِ محمود – رحمه اللهُ – لجنودِ القواتِ المسلحةِ لهاعظيمُ الأثرِ في تخفيفِ حرارةِ الجوِّ، ووطأةِ الموقفِ، حيثُ بشرَهُم أنَّهُ رأى رسولَ اللهِ ﷺ في المنامِ وهو يرفعُ رايةَ «اللهُ أكبرُ»، فما أحوجنَا إلى إحياءِ هذه القيمِ وتلك المثلِ في نفوسِ أولادِنَا وبناتِنَا؛ لينشأَ الجميعُ على محبةِ وطنهِ والدفاعِ عنهُ بكلِّ ما يملكُ، فتتشكلُ لديهم الحصنةُ الكاملةُ تجاهَ الدعواتِ والأفكارِ الهدامةِ التي تشككُ في نزاهةِ قواتِنَا المسلحةِ التي ضربتْ أروعَ الأمثلةِ في التضحيةِ بأرواحِهِم ودمائِهِم في سبيلِ الحفاظِ على مقدراتِ هذا البلدِ عبرَ تاريخِهِم الطويل، ولا يزالوان يتسابقون ويتسارعون إلى ذلك، ويبذلون الغالي والنفيسَ، فما أعظمَ وفائَهُم، وما أقوى عزيمتَهُم، وما أصدقَ حبَّهُم لوطنهِم، وحُقَّ فيهم خبرُ رسولِنَا ﷺ حيثُ يَقُولُ: «عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» (الترمذي وحسنه)، فهم تاجُ رؤوسِنَا، وفخرُ أمتِنَا، وعنوانُ عزتِنَا، وصمودِنَا وكرامتِنَا، وأيقونةُ نصرِنَا وحريتِنَا، وهذا يحتمُ علينَا جميعًا أنْ نصطفَّ صفًا واحدًا خلفَهُم، ونحذُو حذوَهُم، ونربِّي أجيالَنَا على أنْ يكونُوا نموذجًا للاقتداءِ بهِم، ومثلًا أعلَى في الدفاعِ عن بلدِهِم، وفِي مواصلةِ مسيرةِ البناءِ والتعميرِ.
اللهُمًّ إنَّا نسألُكَ شهادةً صادقةً في سبيلِكِ، وأنْ تحفظَ دينَنَا الذي هو عصمةُ أمرِنَا، ودنيانَا التي فيهًا معاشُنَا، وآخرتنَا التي إليها مردُّنَا، وأنْ تجعلَ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، وأنْ توفقَ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.
كتبه: الفقير إلى عفو ربه الحنان المنان
د / محروس رمضان حفظي عبد العال
مدرس التفسير وعلوم القرآن – كلية أصول الدين والدعوة – أسيوط
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف